A7med $olt@n مشرف
جنسي : مشاركاتي : 1196 تاريخ تسجيلى : 26/08/2012 تاريخ ميلادى : 27/11/1997 عمرى : 26
| موضوع: بحث عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الأحد سبتمبر 02, 2012 8:35 pm | |
| تعالى نظما: يوم تفرس الفر س فيه أنهم قد أنذروا بحلول البؤس والنقم وبات إيوان كسرى وهو منصدع كشمل أصحاب كسرى غير ملتئم والنار خامدة الأنفاس من أسف عليه والنهر ساهي العين من سدم وساء ساوة أن غاضت بحيرتها ورد واردها بالغيظ حين ظمي فهذه الأبيات قد تلخص لنا صور التغيرات التي حصلت في بلاد فارس كانت قد بلغت أوجا كبيرا من التوسع والمدنية والتطاول في البنيان لحد توهم تحدي العالم ومواجهة كل قوة حسية ومعنوية فيه،كما قد يصف المؤرخون الإيوان المذكور بأنه:”بناء بني طولا غير مسدود الوجه يعده الملك للجلوس فيه لتدبر ملكه،وقد كان سمك ذلك الإيوان مائة ذراع في مثلها ومكث في بناءه نيفا وعشرين سنة،ولهذا كان يظن أنه لا يهدمه إلا نفخة الصعق،وقد أراد هارون الرشيد هدمه لما بلغه أن تحته مالا عظيما فعجز عنه فأبقاه على حاله”[1]. فكسرى وإن اشتهر بنوع من العدل الظاهري في قومه خاصة إلا أنه قد كان عدلا مبتورا وغير مكتمل،لأنه لم يلتزم شروطه الحافظة له من الزوال والاندثار وذلك لما صاحبه من نزعة نحو الاستعلاء والترف والتبذير وما إلى ذلك،وهذا كله قد يتعارض مع مفهوم العدالة الحقة والمؤدية إلى التوازن العام و الشامل. فحتى وإن كانت دولة تطبق العدل في رعيتها كما قد يزعم أصحابها إلا أنها قد تظلم جيرانها وتفرض عليهم هيمنتها ،بل قد تسعى إلى سلبهم هويتهم بالقوة والدسائس والفتن على غرار ماتفعله الدول الغربية في عصرنا وعلى رأسهم الولايات المتحد الأمريكية من زعمها الالتزام بالديمقراطية ومبادئ العدالة وحقوق الإنسان وما إلى ذلك. لكن ما أن تتخطى عتبة حدودها حتى تنهار جميع تلك القيم المدعاة ويعامل الآخر بصورة الاستعلاء والتصنيف العنصري… وهذا كله قد يتعارض مع العدالة ومفهومها الصحيح الذي جاء به الأنبياء والرسل عليهم السلام ،وعلى رأسهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي كما سبق وقلنا قد عدل حتى في حكمه على الحيوان والاعتراف بخصائصه الخلقية الثابتة والإيجابية،بل قد يعدل حتى بين قدميه ونعليه وباقي أطرافه الشريفة ،بحيث حينما يتمزق أحد نعله فقد يتأبط كلاهما حفاظا على عدالة واستفادة قدميه الشريفتين بالتساوي من الانتعال!. هذا ناهيك عن أن الدولة الفارسية الكسروية قد كانت تمارس الظلم الأكبر ألا وهو: عبادة النار من دون الله تعالى،وهي صورة من الشرك والظلم لحق الخالق الواحد الأحد والمستحق للانفراد والظهور بأوصاف الألوهية والكمال والغنى المطلق. من هنا فقد كانت ولادة النبي صلى الله عله وسلم بداية عهد جديد في التغيير والتصحيح وإيذانا بأفول طغيان الظلم الأكبر وانطفاء شعلته وناره بنور اسم: الله أكبر،بحيث قد يروى ”أنه لما ارتج إيوان كسرى وسقط منه الأربع عشر شرافة في عهد كسرى أنو شروان بن قباذ بن فيروز أحزنه ذلك فوجه إلى النعمان ملك العرب يستفسره عن سر ما بدا،فرفع النعمان الخبر إلى سطيح وقد أشرف على الضريح وهو القبر ،فقال:يكون سبي وسبايات ويموت ملك وملكات بعدد الشرفات”. فلقد كان الحدث يمثل فترة نهاية الإمبراطورية الفارسية المجوسية وبداية العهد الجديد المؤسس على عقيدة التوحيد،سيكون الحامل للوائه والمشخص لمعانيه عقيدة وشريعة وسلوكا هو رسول الله صلى عليه وسلم بالعدل والمعجزة منذ البداية وحتى النهاية،والذي لم يبادر إلى مهاجمة أو غزو الفرس إلا بعد إقامة الحجة عليهم في تخليهم وابتعادهم الكلي أو الجزئي عن مبادئ العدل ومظاهره. بل قد وصل بهم التطاول على مركز العدل ومعينه في الكون وذلك من خلال الرد السيئ الذي جابه به كسراهم دعوته ورسالته،كما ورد في السيرة من أن النبي صلى الله عليه وسلم وجه :”عبد الله بن حذافة السهمي بكتاب إلى كسرى ملك الفرس،وفيه”بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس،سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله،أدعوك بدعاية الله فإني رسول الله إلى الناس كافة لأنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين،أسلم تسلم ،فإن أبيت فإنما عليك إثم المجوس “فلما وصله الكتاب مزقه استكبارا،ولما بلغه عليه الصلاة والسلام ذلك قال:”مزق الله ملكه كل ممزق“وقد فعل،فكانت مملكته أقرب الممالك سقوطا،وقد بدأ هذا الشقي بالعدوان،فأرسل لعامله باليمن أن يوجه إلى الرسول من يأتيه به إليه،فعاجله الله بقيام ابنه شرويه عليه وقتله له،ثم أرسل لعامله في اليمن ينهاه عما أمره به أبوه”نور اليقين ص20. هكذا إذن تحدث المعجزة باسم العدل من حيث لا يخطر على بال الظالمين،وهكذا تم التصرف في مسار الطغاة الذين قد يستكبرون في الأرض بغير حق ويتوهمون أن جنودهم وعساكرهم هي التي قد تحميهم من سطوة العدل ونفوذه وخاصة حينما يستهدف أهله والقيمين على تطبيقه والأمر به بين الناس لإطفاء نوره وقمع تداوله والتعامل به على وجه الأرض.الآية من هنا فقد تصبح المبادرة لأهل العدل بالعدل لمقاومة الظلم والطغيان وستسترسل في التوسع كمعجزة ممتدة على أرض الواقع ومستمدة من مدرسة صاحب العدل ومؤسسها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ،وذلك من خلال معركة القادسية على عهد الخليفة الثاني الراشد عمر بن الخطاب الفاروق رضي الله عنه،الذي قد كان نموذجا واقعيا لتلك المدرسة الخالدة وخاصة حينما يوصي أصحابه بالتزام العدالة في عز الحرب والاقتتال وقوة شوكة العدو،أقتبس له رسالة إلى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه يقول فيها:”إني ألقي في روعي أنكم لقيتم العدو وهزمتموهم فاطرحوا الشك وآثروا النقية عليه ،فإن لاعب أحد منكم أحدا من العجم بأمان أو قرفه بإشارة أو لسان كان لا يدري الأعجم ما كلمه به وكان عنده أمانا فأجروا ذلك مجرى الأمان،وإياكم والضحك والوفاء للوفاء،فإن الخطأ بالوفاء بقية وإن الخطأ بالغدر الهلكة وفيها وهنكم وقوة عدوكم وذهاب ريحكم وإقبال ريحهم،واعلموا أني أحذركم أن تكونوا شئنا على المسلمين وسببا لتوهينهم”[2]. ويقول في كتاب لعتبة بن غزوان أمير البصرة ب:”أن أعزب الناس عن الظلم واتقوا واحذروا أن يدال عليكم لغدر يكون بينكم أو بغي فإنكم إنما أدركتم بالله ما أدركتم على عهد عاهدكم عليه وقد تقدم إليكم فيما أخذ لكم فأوفوا بعهد الله وقوموا على أمره يكن لكم عونا وناصرا”[3]. وهكذا فلقد كان فتح المسلمين لبلاد فارس بالعدل كما يصفه المؤرخون وخاصة بخراسان،فإن أهلها قد تعاقدوا”مع الأحنف بن قيس وتراجعوا إلى بلدانهم وأموالهم على أفضل ما كانوا زمن الأكاسرة،فكانوا كأنما هم في ملكهم،إلا أن المسلمين أوفى لهم وأدل،فاغتبطوا”[4]. بهذا الوصف قد كانت مدرسة العدل عند المسلمين وعلى هذا النموذج هي مرجعيتهم في كل الظروف والأحوال و به انتصروا منذ ولادة النبي صلى الله عليه وسلم حتى اتساع رقعة الفتح في الآفاق وعبر ربوع العالم . بحيث أن العنصر الروحي وسر القلوب أو أسرها قد كان حاضرا بقوة في تثبيت العدالة في الأمة،وحينما يظهر نوع من الطغيان أو الانفلات الجزئي فقد تلجأ ثلة من أهل الو صال والمناجاة عن قرب إلى رفع راية التحدي والتذكير بسر الملك أو السلطان الذي قد تقلده المسلمون،كما نجده في هذا الحوار بين المعتصم العباسي وبعض صالحي بغداد بعدما استبد الأتراك بالأمور وبدؤوا يمارسون أنواعا من المضايقات واختراق حدود العدالة وارتكاب المظالم حيث “قالوا له:تحول عنا وإلا قاتلناك !قال:كيف تقاتلونني وفي عسكري ثمانون ألف دراع!قالوا:نقاتلك بسهام الليل- يعنون الدعاء والتضرع إلى الله تعالى- فقال المعتصم:والله ما لي بها طاقة!فبنى لذلك سُرَّ من رأى وسكنها”[5]. وكأنني هنا بالمعتصم وهو يتذكر دعوة النبي صلى عليه وسلم على كسرى الفرس بتمزيق ملكه كل ممزق بسبب ظلمه،ومن ثم فقد أصابه رعب واستسلام للطلب طالما أن في قلبه شعلة من إيمان وقبس من عدل واحترام لأولياء الله الصالحين!. فالاسترسال في تحليل مسار العدل وامتداد الأثر النبوي في تحصيله عبر العالم وإلى يومنا هذا من خلال الضمائر الحية الواعية بمؤسسة الوجود وأساس الملك قد يفضي بنا إلى التوسع في تحليل معنى كلمة العدالة وضوابطها وخصوصياتها في الإسلام وهذا موضوع قائم بذاته وبحر لا ساحل له ومعين لا ينضب. لكن حسبنا وغرضنا هنا هو ربط المولد لنبوي الشريف بواقع العدل وتفاعل الدول والمجتمعات به على سبيل المعجزة سواء شعرت بذلك من خلال ما كان واردا في كتب التوراة والإنجيل أو من خلال الهواتف والإشراقات الروحية التي واكبت قرب ولادته صلى الله عليه وسلم وحينها،أو لم تشعر وإنما تفاعلت كاستجابة فطرية وخضوع كوني لهذه الظاهرة التي عمت أرجاء العالم ،وربطا بموضوع طلوع نجم خاص أو تغيرات جيولوجية وبيئية سجلها التاريخ آنذاك توثيقا ورواها الرواة على سبيل الاشتهار . لكن الأهم مما قد كان لدينا هو مدى ارتباط المولد النبوي بواقع العدل والتوحيد عند الأمم والنتائج التي ستـأتي فيما بعد ظهوره صلى الله عليه وسلم كنبي مرسل . وأركز هنا على دولتين رئيستين قد كانتا ذات حضور مؤثر في الساحة التاريخية والعالمية آنذاك،قوة وعقيدة ونفوذا عسكريا وسياسيا وهما دولة الفرس المجوسية السابقة الذكر ودولة الحبشة المسيحية ،بغض النظر عن دولة الروم التي قد تشترك مع الحبشة في باب العقيدة والدين. فالحبشة كما ذكرنا قد ابتدءوا عند مرحلة ولادة النبي صلى الله عليه وسلم بممارسة نوع من الطغيان والظلم لأقدس المقدسات على وجه الأرض ألا وهي:الكعبة المشرفة بيت الله الحرام،والتي عندها قد كان يوجد مهد الوساطة العظمى للدلالة على سرها وكمال صفات ربها ألا وهي واسطة النبي والرسول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم . من هنا فقد كانت المعجزة لحماة الدليل وباب المدلول عليه:”وما كان الله لعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون“. فالبيت له رب يحميه والرسول له مرسل يغني ويغار عليه. إذ انهزام أبرهة الأشرم بهذه الصورة المأساوية من باب المعجزة قد كان خيرا على أمته ودولته التي ستأخذ درسا في العدل وعاقبة الظلم وسينتقل الحكم بعدها إلى يد رجل عادل يواكب بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ويوافق دعوته بالإيمان به حيث سينعت من طرف الرسول نفسه بأنه :”لا يظلم عنده أحد” وذلك حينما وجه أصحابه بالهجرة إلى الحبشة التي كان يحكمها النجاشي فالبداية مع أول عهد النبوة قد كان الحبشة فيها ذات موقف سلبي و سيئ لا تحسد عليه،ولكن كما يقال :كل نقمة إلا وفي طيها نعمة !. أما الفرس فقد كانت المناسبة قائمة للتأريخ بزمن الملك العادل عند فترة الولادة والإشارة إلى إيجابية النظام القائم آنذاك،لكن مع هذا فقد كانت نقط البداية للعد العكسي في باب العدالة التي لم تكن ترتكز على الأساس العقدي في وصلها بالعدل الحق على صورة سليمة،حتى إذا بلغ الطغيان والظلم والاستكبار ذروته سيتحقق السلب الكلي لكل أزمة الأمور من يدي الفرس المجوس وتبديلهم بالفرس المسلمين الموحدين تحت ظلال السيوف وبقوة السلاح المكسرة لغرور الأكاسرة وطغيانهم وعدم رضوخهم إلى الحق بدعوة السلام والعدل.وبالتالي سيصبح الفرس أهل الإيمان وحماة لدين والعدل بشتى أمرائهم وعلمائهم وصالحيهم،لا فرق في ذلك بينهم وبين من كان تصدع وسقوط إيوان كسراهم على أيديهم. فالعدل قد كان هو المحرك في البداية والنهاية والغاية، وهو لازم للتوحيد،ومن ثم فلا غزو ضد أهل العدل من الموحدين ولا عدل كامل بغير التوحيد الذي يتضمن اسما من أسماء الله الحسنى وهو العدل. في حين أن أهل الحبشة برغم إذايتهم للعرب وهجومهم على الكعبة المشرفة لم يتعرضوا للغزو أو الانتقام من طرف الرسول صلى الله عليه وسلم حينما أصبح مجسدا لمفهوم العدل ظاهرا وباطنا،بل قد نهى أصحابه في حياته وبعد وفاته من أن يجابهوا أهل الحبشة لسابقة العدل وترسخه في أرضهم وحكامهم،وبالتالي احتضانهم لدعوة العدل والتوحيد عبر القرون،إضافة إلى هذا فقد كان حضور المسلمين في الحبشة مدعما روحيا وعسكريا للنجاشي ضد من كانوا يحاولون عزله وتولية غيره ممن دونه في باب العدل وحسن السياسة.
ثانيا:الأبعاد العقدية والتربوية للولادة النبوية
1) النسب النبوي وخصوصيته الروحية
فيما يتعلق بالأساس الروحي للنبي صلى الله عليه وسلم فقد توجد هناك دلائل ونصوص تؤكد خصوصيته كنبي في عالم الغيب قبل عالم الشهادة،وذلك من خلال قوله صلى الله علي وسلم كما يروى :”كنت نبيا وآدم منجدل في طينته“أو “كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد “. فهذه الأحاديث -إن صحت - قد تشير إلى حقيقة النبوة وشمولية نبوة ورسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لجميع النبوات والرسالات من لدن آدم عليه السلام حتى بعثته،وهو ما قد اصطلح عليه عند الصوفية وغيرهم بالحقيقة المحمدية ، سبق وأن تناولناها بدقة علمية وعمق عقدي في كتابنا المتواضع :”التجديد في دراسة علم التوحيد“. بيد أن الذي قد يهمنا هنا بالدرجة الأولى هو ارتباط هذه الحقيقة بالزمن الكوني ووعي الكائنات بحضوره وشعورها بخصوصية عصرها من خلال وجوده صلى الله عليه وسلم..يقول الله تعالى :”الله أعلم حيث جعل رسالاته“. وفي صحيح البخاري لما سأل هرقل ملك الروم لأبي سفيان تلك الأسئلة عن صفاته عليه الصلاة والسلام،قال:كيف نسبه فيكم؟قال:هو فينا ذو نسب،قال:كذلك الرسل تبعث في أنساب قومها،يعني في أكرمها أحسابا وأكثرها قبيلة،صلوات الله عليهم أجمعين. فهو سيد ولد آدم وفخرهم في الدنيا والآخرة،أبو القاسم وأبو إبراهيم ،محمد وأحمد والماحي الذي يمحي به الكفر والعاقب الذي ما بعده نبي والحاشر الذي يحشر الناس على قدميه والمقفي و نبي الرحمة ونبي التوبة ونبي الملحمة وخاتم النبيين والفاتح وطه ويس وعبد الله. قال البيهقي:وزاد بعض العلماء فقال:سماه الله في القرآن رسولا،نبيا أميا شاهدا مبشرا نذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ورءوفا رحيما ومذكرا،وجعله رحمة ونعمة وهاديا”[6]. ولقد عبر النبي صل الله ليه وسلم عن مكانته في سلم الوجود بقوله:”أنا سيد ولد آدم يوم القامة ولا فخر“. ومعلوم أن السيادة يوم القيامة قد تكون انعكاسا لما كان عليه الحال في الدنيا في باب الحق …فإذا كان سيدا في الآخرة فهو سيد في الدنيا - و العكس صحيح - كما في قوله تعالى:”من كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا“. كما أن في الحديث دلالة عقدية ينبغي أن يتفطن لهانوذلك بالتزام مقام العبودية والتي من أهم مظاهرها مبدأ :المولودية،ولهذا فقد عبر النبي صلى عليه وسلم بأنه:”سيد ولد آدم“وذلك للتذكير بأنه مهما ارتقى في مقامه فسيبقى عبدا مخلوقا ومولودا،أي أنه ليس بقديم ولا أزلي ولا يتقمص صورة من صور الألوهية التي من أخص صفاتها ما جمعته سورة الإخلاص في قول الله تعالى:”قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد”. كما أنه قد لا يمكن أن يتساوى من وصفه المولودية بمن وصفه الأحدية والصمدية والغنى المطلق على سبيل الحلول أو الاتحاد - كما يزعم الحلولية - والذي قد ضل به اليهود والنصارى على حد سواء. لهذا فلقد جاء تعبير البوصيري رحمه الله تعالى في إطلاق العنان لمدح الرسول صلى الله عليه وسلم بليغا ولكن في مجال السيادة الخاصة به: دع ما ادعته النصارى في نبيهم واحكم بما شئت فيه مدحا واحتكم وانسب إلى ذاته ما شئت من عظم وانسب إلى قدره ما شئت من حكم كما أن سيادة الولادة هاته ستتشخص على مستوى التسلسل القويم في سلامة النسب وطهارة العرق والأصل،وهذا ما تدل عليه النصوص تضمينا وصراحة كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم:”ولدت من نكاح غير سفاح“و”إني خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح”. وتؤكد هذا التسلسل السليم لنسب النبي صلى الله عليه وسلم عدة آيات قرآنية وأحاديث قد تدل على خصوصيته وسمو حقيقته في الوجود،سواء فيما يتعلق بذاته الشريفة ونورانيتها أو ما يخص حالته الشخصية وواقعه الاجتماعي والتاريخي،في حين قد تنص تلك الآيات على حضور النبي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عند كل تشريع قبله ووجوده بالقوة المباشرة للفعل في حالة وقوع استثناء ومفاجأة أو ظهور له في عهد رسول من الرسل والأنبياء،يقول الله تعالى:”وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه،قال:آقررتم وأخذتم على ذلكم إصري؟قالوا:أقررنا.قال:فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين“وفي صحيح البخاري عن ابن عباس قال:”ما بعث الله نبيا إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه وليتبعنه“. فالآية وتفسيرها فيهما تأكيد على سمو النسب النبوي وخصوصية الوجود المحمدي في عالم شهادة،وذلك لأنه قد كان دائما في مقام التشريع ظاهرا وباطنا،وإذ أنه قبل ولادته قد كان باطنا فإنه بالضرورة سيكون حاميا لنسبه من السفاح بقوة التشريع الذي كان ينوب الأنبياء والرسل عنه فيه ظاهرا،ومن ثم فقد حفظ نسبه من كل شوب أو اختلال لمؤسسة الزواج والأسرة الشرعية على وجه الأرض.وذلك لأن مسألة النسب لها ارتباط بعقيدة التوحيد كما بيناها في كتابنا:”أحكام النسب لحماية الأسرة في الإسلام“. إضافة إلى هذا فقد عبر النبي صلى الله عليه وسلم عن واقعه الظاهري والعناية الإلهية الغيبية بنسبه واتصال سنده حينما قال له أصحابه :”يا رسول الله أخبرنا عن نفسك،فقال:”دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى،ورأت أمي حين حملت بي كأنه خرج منها نور أضاءت له قصور بصرى من أرض الشام“رواه ابن إسحاق ،قال ابن كثير:إسناده جيد. فدعوة إبراهيم قد تتجلى في قول الله تعالى :”ربنا وابعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياتك “الآية، أما بشرى عيسى فهي قوله تعالى:”وإذ قال عيسى بن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد،فلما جاءهم بالبيات قالوا هذا سحر مبين“. وعلاقة الرسول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بهذين الرسولين عليهما السلام لها دلالات ومعاني دقيقة وذات ارتباط بمسألة الولادة وتحققها في عالم الشهادة خاصة. إذ دعوة إبراهيم ستصبح شاملة في الاصطفاء لكل صلب يحمل بذرة النبي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم،وهي بهذا تؤسس للشرف الكامل لنسبه صلى الله عليه وسلم في الظاهر والباطن،وذلك على شكل تسلسل متصل السند غير منقطع،قد يبدو في خصوصية عامة لقومه لكنها في الحقيقة خصوصية فردية متعلقة بالنبي صلى الله عليه وسلم لأنه هو المقصد بهذا الاختصاص وليس غيره،لكن فضله سيعم كل من جاوره أو ارتبط به أي ارتباط على مستوى الإيجاب أو التقدير. ففي صحيح مسلم أن رسول الله صلى عليه وسلم قال:”إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل واصطفى من بني إسماعيل بني كنانة واصطفى من بني كنانة قريشا واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم“. بمعنى أن الاصطفاء من لدن إسماعيل حتى بني هاشم قد كان له بعد رئيسي ومحوري وهو: تأمين خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى عالم الشهادة على وتيرة اتصال النسب ووحدته وسلامته من الانقطاع أو الاختلاط،وذلك لخصوصية النورانية النبوية المحمدية في تأسيس مبدأ المشروعية لتحديد العلاقات الإنسانية وارتباطها بالحكم الإلهي الضامن لسلامتها واستمراريتها . ولقد شخص هذا المعنى شعرا فيما قد ينسب إلى عمه العباس بن عبد المطلب أو الصحابي حسان بن ثابت كما يقول: من قبلها طبت في الظلال وفي مستودع حيث يخصف الورق ثم هبطت البلاد لا بشر أنت ولا مضغة ولا علق بل نطفة تركب السفين وقد ألجم نسرا وأهله الغرق تنقل من صلب إلى رحم إذا مضى عالم بدا طبق حتى احتوى بيتك المهيمن من خِنذف علياء تحتها النُّطق وأنت لما ولدت أشرقت الأرض وضاءت بنورك الأفق فنحن في ذلك الضياء وفي النور وسبل الرشاد نخترق[7] ولنا وقفة مع الحضور النبوي على مستوى وعي الأنبياء والرسل الذين بشروا به صلى الله عليه وسلم وذلك من تفسير ذوقي -إن صح التعبير - وإدراك للمناسبة بين هذا الحضور ومظاهر الواقع. فمن آدم حتى إسماعيل عليهما السلام قد كان تسلسل بذرة النبي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم،وفيه سيعرف هؤلاء الأنبياء أحداثا وبلاءات،كلها ستتسم بالنجاح والحفظ والتكريم. فأولهم آدم عليه السلام وتكريمه بالسجود له من طرف الملائكة ،وامتناع إبليس عن ذلك واستكباره ثم لجوئه إلى غواية آدم و زوجه حواء من أجل الأكل من الشجرة المنهي عنها والتي بها قد وقعا في عصيان أمر الله تعالى ومن بعدها توبة آدم وقبولها. بعد آدم سيأتي دور نوح عليه السلام عند السفينة والطوفان ثم النجاة والعودة إلى بر الأمان ،إلى أن يأتي زمن إبراهيم | |
|
Admin صاحب الموقع
دولتى : جنسي : مشاركاتي : 1031 تاريخ تسجيلى : 26/08/2012 تاريخ ميلادى : 06/10/1999 عمرى : 25 My MMS : قائمة اوسمتى :
| موضوع: رد: بحث عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الأربعاء سبتمبر 05, 2012 1:24 am | |
| مشكووووووووووووووووووووووور
| |
|