المنفلوطـي
مصطفى
لطفي المَنْفَلُوطي (1876 ـ 1924م) هو مصطفى لطفي بن محمد لطفي بن محمد
حسن لطفي أديب مصري من أم تركية قام بالكثير من الترجمة والاقتباس من بعض
روايات الأدب الفرنسي الشهيرة بأسلوب أدبي فذ ,و صياغة عربية في غاية
الجمال و الروعة.لم يحظى بإجادة اللغة الفرنسية لذلك أستعان بأصحابه الذين
كانوا يترجمون له الروايات و من ثم يقوم هو بصيغتها و صقلها في قالب أدبي
رائع . كتاباه النظرات والعبرات يعتبران من أبلغ ما كتب بالعربية في العصر
الحديث.
ولد مصطفى لطفي المنفلوطي في منفلوط إحدى مدن محافظة أسيوط في
سنة 1289 هـ الموافق 1876م ونشأ في بيت كريم توارث اهله قضاء الشريعة
ونقابة الصوفية قرابة مائتى عام ونهج المنفلوطى سبيل آبائه في الثقافة
والتحق بكتاب القرية كالعادة المتبعة في البلاد آنذاك فحفظ القرآن الكريم
كله وهو دون الحادية عشرة ثم أرسله ابوه إلىالأزهر بالقاهرة تحت رعاية رفاق
له من أهل بلده وقد اتيحت له فرصة الدراسة على يد الشيخ محمد عبده وبعد
وفاه أستاذه رجع المنفلوطى إلى بلده حيث مكث عامين متفرغا لدراسة كتب الادب
القديم فقرأ لابن المقفع والجاحظ والمتنبي و أبى العلاء المعري وكون لنفسه
أسلوبا خاصا يعتمد على شعوره وحساسية نفسه.
المنفلوطي من الأدباء الذين
كان لطريقتهم الإنشائية أثر في الجيل الحاضر، كان يميل إلى مطالعة الكتب
الأدبية كثيراً، ولزم الشيخ محمد عبده فأفاد منه. وسجن بسببه ستة أشهر
لقصيدة قالها تعريضاً بالخديوي عباس حلمي وكان على خلاف مع محمد عبده، ونشر
في جريدة المؤيد عدة مقالات تحت عنوان النظرات، وولي أعمالاً كتابية في
وزارة المعارف ووزارة الحقانية وأمانة سر الجمعية التشريعية، وأخيراً في
أمانة سر المجلس النيابي.
أهم كتبه ورواياته
للمنفلوطى أعمال أدبية
كثيرة اختلف فيها الرأى وتدابر حولها القول وقد بدأت أعمال المنفلوطى تتبدى
للناس من خلال ما كان ينشره في بعض المجلات الإقليمية كمجلة الفلاح
والهلال والجامعة والعمدة وغيرها ثم انتقل إلى أكبر الصحف وهي المؤيد وكتب
مقالات بعنوان نظرات جمعت في كتاب تحت نفس الاسم على ثلاثة أجزاء.
من أهم كتبه ورواياته:
النظرات (ثلاث جزاء). يضم مجموعة من مقالات في الأدب الاجتماعي، والنقد،
والسياسة، والإسلاميات، وأيضا مجموعة من القصص القصيرة الموضوعة أو
المنقولة، جميعها كانت قد نشرت في جرائد، وقد بدأ كتبات بها منذ العام
1907.
العبرات. يضم تسع قصص، ثلاثة وضعها المنفلوطي وهي: اليتيم،
الحجاب، الهاوية. وواحدة مقتبسة من قصة أمريكية اسمها صراخ القبور، وجعلها
بعنوان: العقاب. وخمس قصص ترجمها المنفلوطي وهي: الشهداء، الذكرى، الجزاء،
الضحية، الإنتقام. وقد طبع في عام 1916.
رواية في سبيل التاج ترجمها
المنفلوطي من الفرنسية وتصرف بها. وهي أساسا مأساة شعرية تمثيلية، كتبها
فرانسو كوبيه أحد أدباء القرن التاسع عشر في فرنسا. وأهداها المنفلوطي لسعد
زغلول في العام 1920.
رواية بول وفرجيني صاغها المنفلوطي بعد ترجمتها
له من الفرنسية وجعلها بعنوان الفضيلة وتسرد هذه القصة عدة احداث لعل من
أهمها حب بول وفرجني لبعضهما جدا والمكافحة في سبيل أن يبقى هذا الحب خالدا
للأبد. وهي في الأصل للكاتب برناردين دي سان بيير من أدباء القرن التاسع
عشر في فرنسا وكتبت في العام 1788م.
رواية لشاعر هي في الأصل بعنوان "سيرانو دي برجراك" للكاتب الفرنسي أدمون روستان.
وقد نشرت بالعربية في العام 1921.
رواية تحت ظلال الزيزفون صاغها المنفلوطي بعد ان ترجمها من الفرنسية وجعلها بعنوان مجدولين وهي للكاتب الفرنسي ألفونس كار.
كتاب محاضرات المنفلوطي وهي مجموعة من منظوم ومنثور العرب في حاضرها
وماضيها. جمعها بنفسه لطلاب المدارس وقد طبع من المختارات جزء واحد فقط.
أطواره
كان
مصطفى المنفلوطى ذكى بطبيعته يميل في نظرياته إلى التشاؤم، فلا يرى في
الحياة إلا صفحاتها السوداء، فما الحياة بنظره إلا دموع وشقاء، وكتب قطعة
(الأربعون) حين بلغ الأربعين من عامه، وقد تشائم فيها من هذا الموقف، وكأنه
ينظر بعين الغيب إلى أجله القريب. وهذا التشاؤم كان بسبب واقع الأمة
العربية
وفاته
أصيب بشلل بسيط قبل وفاته بشهرين، فثقل لسانه منه عدة
أيام، فأخفى نبأه عن أصدقائه، ولم يجاهر بألمه، ولم يدع طبيبًا لعيادته،
لأنه كان لا يثق بالأطباء، ورأيه فيهم أنهم جميعًا لا يصيبون نوع المرض،
ولا يتقنون وصف الدواء، ولعل ذلك كان السبب في عدم إسعاف التسمم البولي
الذي أصيب به قبل استفحاله. فقد كان قبل إصابته بثلاثة أيام في صحة تامة لا
يشكو مرضًا ولا يتململ من ألم، وفي ليلة الجمعة السابقة لوفاته، كان يأنس
في منزله إلى إخوانه ويسامرهم ويسامروه، وكان يفد إليه بعض أخصائه وأصدقائه
من الأدباء والموسيقيين والسياسيين، حتى إذا قضى سهرته معهم انصرفوا إلى
بيوتهم ومخادعهم، وانصرف هو إلى مكتبه فيبدأ عمله الأدبي في نحو الساعة
الواحدة بعد نصف الليل.
في نحو الساعة الثانية عشرة من تلك الليلة انصرف
أصدقاؤه كعادتهم وانصرف هو إلى مكتبه، ولكنه ما كاد يمكث طويلاً حتى أحس
بتعب أعصابه وشعر بضيق في تنفسه، فأوى إلى فراشه ونام، ولكن ضيق التنفس
أرقه، كتب عليه أن يختم بالتأوه والأنين، كما عاش متأوهًا من مآسي الحياة
ساجعًا بالأنين والزفرات، وأدار وجهه إلى الحائط وكان صبح عيد الأضحى قد
أشرقت شمسه ودبت اليقظة في الأحياء، فدب الموت في جسمه في سكون وارتفعت
روحه مطمئنة إلى السماء بعدما عانت آلامها على الأرض سنة 1924 م[.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]